اصدق إحساس المؤسس ومدير الشبكة
الجنس : عدد المساهمات : 826 النقاط : 7162 تاريخ التسجيل : 27/08/2009
| موضوع: ما لم يخبرني به أبي عن الحياة الثلاثاء يوليو 03, 2012 4:46 pm | |
| ما لم يخبرني به أبي عن الحياة
للكاتب والباحث فى مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية كريم الشاذلي
«ربوا أبناءكم لزمان غير زمانكم».. مقولة قالها الإمام «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه، أوجز فيها مبدأ تربويا في غاية الأهمية، وهو أن يرتفع الوالدان بآفاقهما لمجاراة الأبناء ولملاحقة الزمن الذي تتطور فيه الأشياء بسرعة الصاروخ، فيغرسا في أبنائهما الهمة والتأهب لمواجهة ما ستأتي به الأيام.. ومن هذه المقولة أيضا ينطلق «كريم الشاذلي» الباحث في العلوم الإنسانية من خلال كتابه الجديد «ما لم يخبرني به أبي عن الحياة» الصادر حديثا عن دار أجيال. و«كريم الشاذلي» استخدم هذه المقولة كبداية ليلقي الضوء علي أهمية معاملة الوالدين للأبناء، من خلال التجاوب معهم فيما يستجد في هذا العصر، والبعد عن التماثل الذي يفرح به الوالدان كثيرا إذا ظهر بين الطفل وبينهما، فاختلاف الزمان سيتبعه بالتأكيد اختلاف العادات والأفكار والحلول.. كما أن المؤلف استخدم هذه المقولة لكي يزيل الحرج عن الآباء الصالحين الذين قدموا قصاري جهدهم لتنشئة أبنائهم، ولكن الفجوة قد زادت بينهم وبين أبنائهم ليس لتقصير، وإنما لعجلة تطور تنهب الأرض نهبا ولا تنتظر أحدا ليلاحقها. والكاتب يقدم أفكاره بأسلوب فصيح جزل وممتع في نفس الوقت، كما أن تنظيم موضوعات الكتاب، وتذييل كل موضوع ببقعة ضوء تحتوي علي حكمة تلخص الموضوع من أقوال الحكماء، واستخدام العديد من القصص والطرائف والحكم المفيدة التي تدعم وجهة نظره التي عرضها في الموضوع، وموجز الأفكار والمقولات الذي قدمه في آخر الكتاب، وتوحده مع القارئ البسيط من خلال خطابه المباشر إليه، وعدم الحديث إليه من عل.. كل هذه العوامل أخذت الكتاب إلي بر الأمان ليصبح مرجعا مفصلا لتجربة حياة شاب في منتصف العمر نجح في مجاله رغم ما لاقاه من معوقات زادته قوة وصمودا. وقضية الكتاب الرئيسية هي قضية الصمود والتحدي، ولعل هذا سببه أن هذه القضية هي قضية الإنسان من بدايته إلي نهايته، رغم ما كابده الإنسان من بداية نزوله إلي الأرض وحتي صعوده إلي بارئه فإنه يناطح الدنيا، يصمد أمام الشدائد، ويصبر أمام النكبات.. وكلما زادت عليه الضغوط خرج منها ظافرا مبتكرا مكتشفا، وهذا ما يدعمه الكتاب الذي يؤصل هذا المعني، وفي موضوع «تسعون يوما قبل دخول القبر» يطرح الكاتب سؤالا عن حالتك لو عرفت أن الباقي لك في هذه الدنيا ثلاثة أشهر فقط.. وأتي بمثال مشرف كالعادة هو «راندي باوش» الذي صُنف كواحد من أفضل ثلاث شخصيات في العالم، وهذا الرجل أخبروه أن أمامه ثلاثة أشهر فقط قبل أن يموت لتأخر حالته، فقد كان يعاني سرطان البنكرياس، ولكنه رغم هذا الشعور المميت فإنه استقبل الأمر بمرحه المعتاد وجمع تلامذته ليلقي لهم محاضرة هي مسك ختام محاضراته لهم حيث نصحهم بأن يكمل كل منهم مشروعه وهدفه، وأنه سيظل إلي آخر يوم في الدنيا في مرح وسعادة لأنه لا يملك غير ذلك ولا توجد طريقة أخري للحياة في نظره.. وحكي لتلامذته عندما كان صغيرا كيف اشتكي لأمه من صعوبة إحدي المواد فقالت له: «في مثل عمرك كان والدك يقاتل الألمان في الحرب العالمية الثانية» مما شحنه بطاقة هائلة أشعرته أنه مهما حاول وفشل وواجه من صعوبات فإنها لن تكون أبدا كمن يواجه النار والتعذيب والتشريد والموت. كما يطرح الكاتب قصة البطل المصري محمد رشوان كواحد من النماذج المصرية المشرفة الذي لم تجذبه الشهرة والأضواء عن دينه وأخلاقه ومبادئه، فهو البطل الذي آثر أن يخسر من غريمه الياباني في مسابقة عالمية للجودو؛ لأن غريمه أصيب في قدمه فلم يرد أن يستغل نقطة ضعفه رغم سهولة الفوز ساعتها.. ولكنه قدم درسا من أروع دروس الحياة حين اكتفي بالميدالية الفضية وخسر راضيا مبتسما، لينال تكريما هو أروع من تكريم المركز الأول، حيث كرمه العالم أجمع واستقبله الرئيس أروع استقبال، وبقي واحدا من أبطالنا الذين ستخلدهم مواقفهم. يطرح هذا الكتاب بين دفتيه العديد من النماذج المشرفة العصرية البسيطة التي لا تختلف بأي حال من الأحوال عن تطلعات الشعب المصري البسيط، ولكن تبقي عوامل التحدي والصمود والطموح المشروع لتصبح الحلقة المفقودة في تعاملنا واستشرافنا للمستقبل، وهذا الكتاب يحاول أن يُهدِي القارئ هذه الحلقة.
مقال عن الكتاب من صحيفة الدستور بقلم أشرف توفيق
| |
|